اسلام

لماذا سورة التوبة بدون بسملة

تعتبر سورة التوبة من أهم سور القرآن الكريم، والتي تحوي العديد من الأحكام والآيات التي تتعلق بالجهاد والنفقات والأنفس والحج وغيرها من المسائل الدينية والقضائية. ومن الملفت للانتباه هو أنسورة التوبة بدون بسملة، وهذا ما جعل العديد من العلماء يتساءلون عن سبب ذلك وما هي الأسباب التي دفعت المصحف لعدم وضع بسملة في بداية هذه السورة العظيمة.

وسوف يتم في هذا المقال استكشاف العديد من الأسباب التي قد تفسر لماذا سورة التوبة بدون بسملة، بما في ذلك الأسباب اللغوية والتاريخية والتشريعية. وسوف يتم أيضاً النظر في بعض الآراء المختلفة التي تم تقديمها حول مسألة لماذا سورة التوبة بدون بسملة، والتي قد توفر إضاءة أكبر حول سبب عدم وجود بسملة في بداية هذه السورة الهامة.

 

احتمال أنها والأنفال سورة واحدة

توجد بعض الآراء التي تشير إلى أنه من الممكن أن تكون سورة التوبة وسورة الأنفال كانتا سورة واحدة في الأصل، وأن تم تقسيمهما إلى سورتين منفصلتين في وقت لاحق. ويأتي هذا الاعتقاد بناءً على بعض الأدلة اللغوية والتاريخية، مثل أن السورتين تحتويان على موضوعات متشابهة، وأنهما تم نزولهما في نفس الفترة الزمنية، وأنهما كانتا تحملان اسمًا واحدًا في بعض المصادر القديمة.

ومع ذلك، فإن هذه الآراء لا تزال مجرد فرضيات ولا يوجد دليل قطعي يؤكد صحتها. ومن الجدير بالذكر أن السورتين تختلفان في بعض النواحي، مثل أن سورة التوبة بدون بسملة، في حين أن سورة الأنفال تحتوي على بسملة. كما أن السورتين لهما ترتيب وترتيب الآيات المختلف عن بعضهما البعض.

لذلك، يمكن القول بأنه لا يمكن الجزم بصحة فرضية أن سورة التوبة وسورة الأنفال كانتا سورة واحدة في الأصل، وأن كلاهما سورة منفصلة بذاتها ولها أهميتها الخاصة.

 

عدم مناسبة بداياتها لمحتوى البسملة

توجد آراء أخرى تشير إلى أن السبب الحقيقي لعدم وجود بسملة في بداية سورة التوبة يعود إلى عدم مناسبة بدايتها لمحتوى البسملة. فقد اقترح بعض العلماء أن البسملة تُستخدم في القرآن الكريم لتعبير عن الرحمة والمغفرة من الله تعالى، وأن سورة التوبة هي من السور التي تحوي على محتوى أكثر تحديًا وصرامة، وتتعلق بالحرب والنفقات وغيرها من المسائل الجدلية، مما قد جعل مناسبة وضع بسملة في بدايتها غير مناسبة.

وفي الواقع، فإن سورة التوبة بدون بسملة ليس الأمر الوحيد الذي يميزها عن باقي السور، حيث أنها تبدأ بجملة “براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين”، وهذه الجملة تعبر عن رفض الإيمان بالمشركين وقطع العلاقات بهم، مما يعزز فرضية عدم مناسبة وضع بسملة في بداية هذه السورة.

وبشكل عام، فإن السور القرآنية لها هدف ومحتوى محدد، وقد يكون بعضها غير مناسب لوضع بسملة في بدايته، وهذا الأمر لا يعني أن هذه السور غير هامة أو أقل قدسية من غيرها من السور. فالقرآن الكريم يحوي على أسرار كثيرة وحكم عميقة، ويتطلب فهمها ودراستها بعناية وتأمل.

 

عدم ورود البسملة فيها في نسخ الصحابة للقرآن

تعتبر هذه الآراء أخرى من الأسباب المحتملة لسورة التوبة بدون بسملة. وفقًا لهذه الآراء، فإنه من المعروف أن الصحابة قاموا بتدوين القرآن الكريم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم قد يكونوا قد قرأوا سورة التوبة بدون بسملة في أثناء عملية التدوين، وقرروا عدم إضافتها إلى المصحف بناءً على هذا القراءة التي استندوا إليها.

ويمكن أيضًا أن يكون السبب في عدم ورود البسملة في سورة التوبة في نسخ الصحابة هو أن البسملة قد كانت تُستخدم في البداية لتمييز السور، ولكن بمرور الزمن وتزايد عدد السور، أصبح الاعتماد على البسملة غير ضروري. ولذلك، قد يكونوا قد تخلوا عن استخدام البسملة في بداية بعض السور التي لم تكن تحتاج إليها بشكل خاص.

ومن الجدير بالذكر أن هذه الآراء هي مجرد تخمينات ولا يوجد دليل قطعي على صحتها. وعلى الرغم من ذلك، فإنها توفر أسبابًا مقنعة لعدم وجود بسملة في بداية سورة التوبة، وتعزز الفرضية بأن القرآن الكريم هو كتاب متكامل ومتناسق، وأن كل شيء فيه موجود لسبب معين.

 

باختصار، فإن عدم وجود بسملة في بداية سورة التوبة يشكل موضوعًا للنقاش بين العلماء والمفسرين. وتوجد العديد من الآراء المختلفة حول السبب الحقيقي لسورة التوبة بدون بسملة، ومن بينها الأسباب اللغوية والتاريخية والتشريعية. ولكن في النهاية، فإن القرآن الكريم يحتوي على أسرار وحكم عميقة، ويتطلب فهمها ودراستها بعناية وتأمل، وهو كتاب متكامل ومتناسق، وكل شيء فيه موجود لسبب معين.