اسلام

قصة الصحابي الذي وأد ابنته

قصة الصحابي الذي وأد ابنته، حيث إنّ الكثير من الصّحابة الكرام كانوا يعيشون قبل الإسلام في بيئة الجاهليّة، وقد وردت عنهم الكثير من الرّوايات والقصص لحياتهم قبل الإسلام، منها ما يكون صحيحًا ومنها ما يكون مكذوبًا وضعيفًا، ومن الجدير بالذّكر أنّ الصّحابة الكرام امتازوا بطيب الأخلاق وحسن المعشر حتّى قبل إسلامهم، فهم ذو عقلٍ راجح وقلبٍ منير، وإنّ الإسلام يجبّ ما قبله، فمن أسلم يرجع كمن ولدته أمّه، وفي هذا المقال يذكر موقعي.نت واحدةً من القصص التي وردت عن أحد الصحابة قبل إسلامه ويبيّن صحّتها من عدمها.

 

وأد البنات في الجاهلية

قبل الاطّلاع على قصة الصحابي الذي وأد ابنته قبل الإسلام، لا بدّ أن يتعرّف المسلم على قصة دفن البنات في الجاهلية، فالوأد هو أن يُدفن الإنسان حيًّا دون موته، وهي عادةٌ من عادات العرب القبيحة قبل الإسلام، أن يقوم الرّجل بوأد بناته، وهي صفة من أقسى صفات الظّلم والجور، فكان العرب يقومون بدفن البنات فور ولادتهن، حيث انتشر اعتقادٌ سائد عند العرب قديمًا أن البنت عارٌ كبيرٌ لأبيها، ومنهم من كان يدفن بناته وأولاده بسبب الفقر الشديد، ويرجع أصل دفن البنات لروايتين أولاهما عندما أغار النعمان بن المنذر على قبائل بنو تميم ليأخذ النساء سبايا ويقرّر فيما بعد إطلاقهن، فرفضت ابنة قيس بن عاصم أن ترجع، ليقوم أبيها بالقسم على دفن كلّ بنتٍ ستأتيه بعدها، والرواية الثانية تقول إن بداية دفن البنات بدأت عند قبيلة ربيعة، التي كانت إحدى السبايا ابنة أمير القبيلة، وبعد الصلح فضّلت سابيها على أبيها، ليقوم بوأد كلّ بنتٍ بعد ذلك، ويقال إن وأد البنات كان موجودًا في قبائل الحجاز فقط ولم ينتشر عند العرب كافّة.

 

قصة الصحابي الذي وأد ابنته

إنّ قصة الصحابي الذي وأد ابنته جاءت في الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لكنّها قصّةٌ باطلةٌ لا تصحّ كما أخبر أهل العلم، فهي غير مروية بسندٍ صحيح، بل موضوعة من طرف الرّافضة الحاقدين على الإسلام، ولقد انتشرت ظاهرة وأد البنات بين بعض العرب ولم تكن عامّةً بينهم، وبذلك أخبر القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الأنعام: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ افْتِرَاء عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِين}. أمّا ما ورد أن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- رواه عن وأد البنات فقد كان في قيس بن عاصم، وما ورد فيه: “عنِ عمرَ بنِ الخطابِ وسُئِلَ عن قولِهِ وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ قال جاء قيسُ بنُ عاصمٍ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال يا رسولَ اللهِ إني قَدْ وَأَدتُّ بناتٍ لي في الجاهليةِ فقال أَعْتِقْ عن كُلِّ واحدةٍ منهنَّ رقبةً فقلْتُ يا رسولَ اللهِ إني صاحِبُ إبِلٍ قال فانْحَرْ عن كُلِّ واحدةٍ منهنَّ بدَنَةً”. وهذا يشير لرواية عمر بن الخطّاب لكفّارة من وقع منه الوأد في الجاهلية، لكنّه لم يذكر أنّه قام بذلك ولم ينسب شيئًا لنفسه والله أعلم.

أدلة على عدم صحة قصة وأد عمر بن الخطاب لابنته

إنّ أهل العلم أكّدوا على عدم صحّة قصة الصحابي الذي وأد ابنته التي نُسبت لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأثبتوا ذلك بعدّة أدلّةٍ وبراهين منها:

  • إنّ هذه القصّة لم ترد لا في السّنة ولا كتبها ولا في الحديث، ولا في الأثر والتاريخ الصحيح، كما أنّ مصدرها غير معروف.
  • إنّ الوأد لم يكن منتشرًا في بني عدي، فإنّ حفصة بن عمر -رضي الله عنهما- ولدت في الجاهلية وهي أكبر بناته، ولم يئدها فكيف يئد غيرها.
  • إنّ الوارد عن وأد البنات من عمر بن الخطّاب هو ما يرويه عن حكم من وأد البنات في الجاهلية، وبيان كفارة ذلك.
  • إنّ الإسلام يجبّ ما قبله، فالله -سبحانه وتعالى- غفر عبادة الأوثان قبل الإسلام والشرك، فالحال أيسر بالنّسبة لوأد البنات.
  • إنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- عاشت أخته فاطمة بنت الخطّاب وابنته حفصة، فلم سيدفن الصّغيرة المزعومة، ولماذا لم يتمّ ذكرها أبدًا من طرف إخوتها أو أقربائها بعد الإسلام، وهذا إن دلّ فيدل على عدم صحّة ذلك والله أعلم.

 

قصة بكاء وضحك عمر بن الخطاب

قد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه كان جالسًا مع بعض الصّحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين، فرأوه قد ضحك قليلًا ثمّ بكى، فسألوه عمّا أضحكه ثمّ أبكاه، فقال أنّه قد تذكّر أنّهم كانوا في الجاهليّة يصنعون الأصنام من التّمر والعجوة، ثمّ يصلّون له ويعبدونه، فإن شعروا بالجوع أكلوه، وهذا الّذي أضحكه، وأمّا الّذي أبكاه فهو أنّه قد وأد له ابنه في الجاهليّة، حيث أخذها من البيت ليدفنها، فحفر لها حفرة، فكانت البنت تنفض التراب عن لحيته بيديها، ثمّ دفنها وهي حيّة، فبكى إثر هذه الحادثة الأليمة والذّنب العظيم؛ وإنّ هذه القصّة قال عنها أهل العلم والفقهاء بأنّ لا أصل لها ولا سند صحيح، ولقد ذكرها الأستاذ عبّاس محمود العقاد في كتابه عبقريّة عمر، وأشار أنّ الوأد لم يكن منتشرًا أو شائعًا بين بني الخطّاب وأسرته، ولم يجد لها مؤلّف الكتاب أيّ سندٍ صحيحٍ أو رواية ٍمعتمدة، فهي موضوعة ولا أصل لها والله أعلم.

 

وأد البنات في القرآن الكريم

إنّ القرآن الكريم قد دلّ من خلال عددٍ من الآيات القرآنيّة الكريمة على جريمة خطيرة، وواحدةٍ ن أعظم الكبائر في الإسلام الحنيف وهي وأد البنات، فقد كان أهل الجاهليّة يتشاءمون من البنات، ويكرهون البنات ويظنّون أنّهنّ سببٌ لفقرهم وقلّة رزقهم، ولم يدروا أيّ جريمة نكراء يرتكبونها بفعلتهم هذه، فقتل النّفس البريئة وقتل البنات بغير وجه حقّ هو ذنبٌ وإثمٌ عظيم، قال الله تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ}. وإنّ الله تعالى قد وعد الّذين ظلموا هؤلاء البنات ثمّ لم يتوبوا عن ذلك بالعذاب الأليم يوم القيامة في نار جهنّم، كما ذكر القرآن الكريم تشاؤم النّاس من البنات، قال الله تعالى: {إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}. وبعد مجيء الإسلام ونزول القرآن الكريم عادت للبنات حقوقهنّ وتساوين مع الرّجال في كلّ شيء، ووضع الإسلام الفتاة بمكانةٍ عظيمة، وحباها بالحماية من الظّلم والاضطّهاد في جميع جوانب حياتها.

من العادات السيئة عند العرب قبل الإسلام

انتشر قبل الإسلام الكثير من العادات السّيئة بالإضافة لوأد البنات، فقد عاشت شبه الجزيرة العربية، مرحلةً تعد الأسوأ في بعض النّواحي، منها:

  • انتشار القمار والميسر، التي كانت من عادات أهل المدن الكبيرة المعروفة بغناها، وهو من الأمور التي حرّمها الإسلام.
  • شرب الخمر والاجتماع عليها والافتخار والمباهاة بالخمر، وهي من عادات الأشراف والأغنياء، وقد حُرّم الخمر تدريجيًّا في الإسلام، لأنّه كان متأصّلًا في نفوس العرب.
  • انتشار نكاح الاستبضاع، وهو أنّه بعد أن تحيض المرأة وتطهر، تختار لنفسها من أكثر رجال قريش نسبًا وحسبًا ليطؤوها لتلد طفلًا يحمل صفات الواطئين.
  • تبرّج النّساء وكشف محاسنهنّ على الأجانب من الرّجال، واتخاذ النّساء العشّاق يتبادلن معهم الحب سرًّا.
  • العصبية القبيلة التي لا تمتّ للعدل والإحسان بصلة.

قصة الصحابي الذي وأد ابنته مقالٌ قد تمّ الحديث فيه عن القصّة المزعومة عن أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه على أنّه وأد ابنته، كما ورد فيه ذكر الوأد في الجاهليّة وحكمه والآيات الّتي وردت عنه في القرآن الكريم، كذلك تحدّث هذا المقال عن الأدلّة الّتي تثبت عدم وأد عمر بن الخطاب لابنته، بالإضافة إلى ذكر بعضٍ من العادات السّيئة الّتي كانت في الجاهليّة.

 المراجع

وأد البنات
هل وأد عمر بن الخطاب ابنة له في الجاهلية
هل ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأد ابنته في الجاهلية؟

قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, قصة الصحابي الذي وأد ابنته, 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى